يومه الجمعة 9 شتنبر الجاري أعلنت خمس نقابات تعليمية بتازة عن تشكيل جبهة موحدة للدفاع عن المدرسة العمومية ، جاء ذلك خلال ندوة صحافية عقدتها النقابات الخمس بنادي التعليم بتازة ، حيث اعتبرت الورقة المقدمة في هذا الباب أن المدرسة العمومية في أزمة و مستهدفة من أجل إفراغها من محتواها ودورها في أفق الخوصصة ، كما أدانت سياسة التحصيص المنتهجة و التبريرات المقدمة .
و هكذا فقد اعتبر البلاغ الصحافي المقدم بهاته المناسبة أن ما تعيشه المنظومة التعليمية من أزمات قد لخصها تقرير الخمسينية ، معتبرا أن المشاكل تواثرت ما بين وضوح التشخيصات و قصور العلاجات و التي طبعها عدم الاستقرار و النزوعات بين ثلاث اتجاها (عصري ، إصلاحي قومي و تقليدي محافظ) و سيادة النزعة الانتقائية في الإصلاحات التي تروم الأبعاد الكمية ليس إلا . و قد اعتبر البلاغ أن هاته السياسة التي تستهدف المدرسة العمومية تأتي في إطار الهجوم المخزني الذي يستهدف التعليم العمومي باعتباره حقا مقدسا لأبناء الشعب المغربي ، من خلال القرارات الطبقية التي اتخذتها الوزارة الوصية تحت مبرر الرؤية الاستراتيجية (2015 ـ 2030) من خلال التعجيل بسياسة العمل بالعقدة ، و ما صاحبه من تقليص عدد الموظفين مما أنتج خلال الموسم الحالي أقساما مكتظة (أزيد من 50 تلميذ في القسم الواحد) .
و أكد البلاغ أن هاته الوحدة من أجل مجابهة هاته السياسات أتت عقب الاجتماع الذي انعقد يومه الأربعاء 07 شتنبر الحالي من أجل التداول حول صيغ الدفاع عما تبقى من المدرسة العمومية و حق أبناء الكادحين في تعليم مجاني و جيد . كما أدانت التوجه المخزني المدمر لهاته المدرسة ، معتبرة أن تدني المستوى هو نتاج مخطط مرسوم لإظهار عجز المدرسة العمومية ، و لتشجيع القطاع الخاص ، كما استنكرت عملية توزيع الخريجين على أقاليم الجهة ، رافضة مذكرة تدبير الفائض و الخصاص لآثارها النفسية و الاجتماعية على رجال و نساء التعليم ، و مؤكدة على عزمها خوض كافة الأشكال النضالية من أجل استرجاع مكانة المدرسة العمومية لدى جميع المغاربة ، مطالبة الدولة بإيجاد الأطر و باقي مكونات المنظومة . و للإشارة فإن هاته الجبهة تضم خمس إطارات تعليمية و هي كل من الجامعة الوطنية للتعليم و الاتحاد العام للشغالين بالمغرب و النقابة الوطنية للتعليم و الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب و الكونفدرالية الديمقراطية للشغل . و الملاحظة الهامة في هذا الحضور هو تواجد حتى نقابة الحكومة ضمن هاته الجبهة المحلية ، ليؤكد على أن هناك إجماعا للدفاع عن هاته المدرسة العمومية الوطنية ، و ليفتح سؤال منطقي حول الجهة التي تستهدف هاته المدرسة ، ما دامت قواعد الحزب الحاكم بالمغرب تستنكر هاته الهجمة ؟ و تطالب بضرورة التصدي لها . و خلال المناقشة التي تلت تقديم العروض فتح نقاش صريح و حاد حول الوضع التعليمي المحلي ، خاصة فيما يتعلق بتدبير الفائض ، كما أكد النقاش و الإجابات على أن الرد على المخططات التي تستهدف المدرسة العمومية لن يكون إلا ضمن جبهة عريضة منفتحة على كافة المعنيين بالملف ، معتبرة أن هاته المعركة هي معركة شعبية بالأساس ، كما أكد على ضرورة تنزيل الرؤية الاستراتيجية مبرزة التعاطي التهميشي للأكاديمية الجهوية لتازة فيما يخص تنظيم الخصاص … كما تم الوقوف على تأسيس هاته الجبهة محليا في حين أن المطلوب هو رد وطني على هاته الهجمة يساهم فيه كافة الإطارات النقابية و السياسية و مؤسسات المجتمع المدني ، و أكدت الإجابات المقدمة على أن التشتت النقابي أفرز و يسر الهجمة على قطاع التعليم في أفق ضربه في العمق من خلال الخوصصة ، مبرزة على وقوع منحى تراجعي حتى على المستوى الدستوري من جهة أن الدستور السابق كان يتحدث عن ضمان الحق في التعليم ، أما الحالي في فصله 31 فيتحدث عن تيسير الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، و بالتالي الدفع في إطار الخوصصة و نقل التعليم من المجانية و العمومية إلى لوبي القطاع الخاص و الذي أصبح يتحكم في الخيارات الكبرى لقطاع التعليم ، مؤكدة على أن الوضعية كارثية ، و أن تشكيل هاته الجبهة هو ضرورة للدفاع عن المدرسة العمومية ، و أن تازة ستكون نموذجا يحتدى به وطنيا ، و أنه لا يجب الاختباء وراء خطاب تقاعس النقابات لتبرير الصمت و أن على القواعد أن تتحمل مسؤوليتها في إجبار المركزيات على تبني هاته الخيارات ، لأن المدرسة العمومية هي ضمير الوطن حيث لعبت تاريخيا دورا كبيرا في معركة الاستقلال و البناء ، كما تم التذكير بانتفاضة 1965 ضد المرسومين المشؤومين و التي ذهب ضحيتها العديد من الشهداء و المعتقلين . و على العموم ، و على الرغم من الاختلافات التي يمكن أن تسجل في التصورات إلا أن الدفاع عن المدرسة العمومية أو ما تبقى منها شكل حالة إجماع نقابي من أجل ركوب هذا التحدي الوطني و الشعبي للمحافظة على تعليم مجاني و عام يستفيد منه أبناء الشعب المغربي قاطبة مع تجويده بما يخدم التنمية ، و ضرورة التصدي من خلال برنامج نضالي لعملية تخريب المدرسة العمومية و تخريب التعليم باعتبارها هجمة منظمة تستهدف ما تبقى من مقدرات الشعب المغربي .
التعليقات مغلقة.