التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ترفض سياسة الحلول الترقيعية داخل المنظومة التعليمية “برنامج أوراش”، وتحمل المسؤولية التامة للدولة لما ستؤول إليه الأوضاع، كما تدعو جميع القوى والضمائر الحية إلى الخروج من دائرة الصمت وإعلان مواقف مبدئية لمصلحة المتعلمات والمتعلمين والمدرسة العمومية.

المجلس الوطني
31 مارس 2022
التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد
ترفض سياسة الحلول الترقيعية داخل المنظومة التعليمية “برنامج أوراش”،
وتحمل المسؤولية التامة للدولة لما ستؤول إليه الأوضاع،
كما تدعو جميع القوى والضمائر الحية إلى الخروج من دائرة الصمت
وإعلان مواقف مبدئية لمصلحة المتعلمات والمتعلمين والمدرسة العمومية.
تستمر أوضاع منظومة التربية والتعليم العمومي بالمغرب في التأزم بشكل متوال، وتتكسر الشعارات الرنانة من قبيل “مدرسة الجودة والإنصاف، تكافؤ الفرص،…”، على
صخرة الواقع الحقيقي الذي تعيشه المدرسة العمومية، وكذا معاناة بنات وأبناء الشعب المغربي المفقر؛ وقد ظهر جليا أن الدولة ومؤسساتها ا
لا تساهم إلا في خلق المزيد من
الأزمات وإذكائها وتكريس التجهيل، لإجهاض أي محاولة للوعي الجماعي وكذا أي بوادر لإنقاذ المدرسة العمومية من واقعها المأساوي، والذي تسببت فيه الدولة نتيجة السياسات
التعليمية المملاة من قبل المؤسسات المالية الدولية، والتي ما فتئت التنسيقية الوطنية تدق ناقوس الخطر حيال النتائج الكارثية التي ستترتب عن تنزيلها في هذا القطاع الحيوي.
ولعل زيارات وفد البنك الدولي لبالدنا ولبعض الأكاديميات والمؤسسات التعليمية لخير دليل على التدخل السافر في السياسات الإجتماعية، وفي مقدمتها قطاع التعليم، مما جعل
المدرسة العمومية معتقلة ومرهونة ومختبرا للتجارب والإخضاع منذ عقود. فبعد الشروع في مخطط التعاقد سنة 2016 بذريعة سد الخصاص، والذي تحول بعد ذلك إلى خيار استراتيجي، شرعت الحكومة في الأسابيع الأخيرة بتنزيل برنامج تحت مسمى “أوراش” والذي سيتحول بدوره أيضا مع مرور السنوات إلى خيار استراتيجي. هذا البرنامج تم اللجوء إليه تحت حجة “الدعم”، لكنه حق أريد به باطل؛ حيث يسعى إلى تكسير المعركة
النضالية للتنسيقية الوطنية، وكذا إلى إسكات المعطلين الذين تم إقصاؤهم من مباراة التعليم قبل أشهر بمبرر السن، وذلك لتوفير “بريكولات” موسمية في المدارس العمومية،
والحال أن هذه الكسرة من العمل هي في الأصل جزء مسروق من حق أشمل هو الحق في الوظيفة العمومية، بمعنى أن هذه الحلول المزعومة لا تعدو عن كونها أسلحة صامتة لحروب هادئة على هذا الحق؛ أسلحة تتخذ ابتكار الأزمات مطية لها لتقديم حلول تم إعدادها مسبقا، ولعل الطريقة التي أتى بها البرنامج المسمى “أوراش” كجواب ترقيعي للدولة على مشكل البطالة لخير دليل على ذلك، كما أن المتصفح لمضامين هذا البرنامج سيجد أيضا أن جواب الدولة على مطلب إسقاط التعاقد هو المزيد من التعاقد وتعميم الهشاشة، وبيع الوهم لأمهات وآباء وأولياء التلاميذ بتعويض ما ضاع من الزمن المدرسي، في حين أن الواقع بعيد جدا عن ما يتم التسويق له وإشاعته. وفي هذا الصدد، ننبه جميع الغيورين بأن هذا البرنامج سيتخذ ذريعة للتعاقد مع حاملي الشهادات بالأيام والساعات (مياوم) للتدريس (دروس، تمارين، تجارب،….)، ولن يقتصر فقط على الدعم كما يتم الترويج له.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الشعب المغربي المناضل إيجاد حلول جذرية وأجوبة مقنعة لمطالب التنسيقية الوطنية، تضع حدا لحالة النكوص والتردي الذي تشهده المنظومة
التعليمية والتي زادت حدتها في السنوات الأخيرة، إذ لا تزال وزارة التربية الوطنية مستمرة في سياستها التخريبية والهروب إلى الأمام ولم تبد عن أي حسن نية أو خلق جو الثقة كما تدعي، بل استمرت في خرق مخرجات الحوارات السابقة، في مقدمتها أجرأة مكثفة لما يسمى “التأهيل المهني” وسرقة متواصلة من أجور الأساتذة والأستاذات وأطر الدعم، علاوة على نهج سياسة المحاكمات الصورية ضد مناضلات ومناضلي التنسيقية الوطنية.
فضلا عن ذلك، تتطلع الوزارة إلى فرض مشروع نظام أساسي جديد بعيد عن الوظيفة العمومية، وقد سبق للتنسيقية الوطنية أن وضحت في بياناتها أنها لن تشارك في أي مشروع يستهدف مكتسبات الشغيلة التعليمية، وأن مطالبها واضحة لا تحتاج إلى كثرة اللقاءات والحوارات الماراطونية. في هذا السياق، فإن أي حديث عن مصلحة المتعلم، أو
حسن النية، أو إبداء الثقة، مجرد كلام فارغ المحتوى، غايته تعويم النقاش وإبعاد المسؤولية عن الدولة في تأزيم الوضع التعليمي وتأجيجه.
ونقول أيضا لمن لا تحل عقد لسانه إلا على نساء التعليم ورجاله، متخذا مصلحة التلميذ/ة مطية في ذلك، أن ينظر لحال المؤسسات التعليمية، لعله يدرك أين تكمن مصلحتهم، فواقع
الحال هو أن هذه المؤسسات التعليمية لا تحتاج إلى عناء تفكير أو تأمل لكي يدرك هؤلاء المتبجحون بمصلحة التلميذ مظاهر التقهقر والبؤس الجاثمة على صدر المنظومة
التعليمية؛ فالمؤسسات التعليمية تفتقر إلى أبسط المعدات والمرافق، المختبرات فارغة إلا من بعض الصخور والمحاليل الحمضية، المرافق الصحية شبيهة بالمرابض، المساليط
الضوئية شبه منعدمة، المقررات الدراسية أكل عليها الدهر وشرب، الطاولات والكراسي مهترئة. أما الأستاذ فقد صار شماعة يعلقون عليها فشل تجارب الإصلاحات المزعومة، بل تجاوز الأمر كل هذا إلى سرقة أجره الهزيل، والضرب والتنكيل به في الشوارع والساحات العمومية، ثم اعتقاله ومتابعته بتهم كيدية، لا لشيء سوى مطالبته بحقه العادل والمشروع في وظيفة عمومية قارة وتعليم مجاني ألبناء وبنات الشعب المغربي.
ولا يفوتنا التذكير إلى أن نضالات التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد الرامية لتحصين المدرسة والوظيفة العموميتين، لا تنفصل عن دفاعها المستميت عن
مصلحة المتعلمات والمتعلمين، والتي لا تتوقف فقط على إبقائه داخل “الحجرات الدراسية”، بل تتجلى في حصوله على تعليم عمومي موحد ومجاني في شروط ملائمة للتعلم، إلى أن يحصل هو كذلك على وظيفة عمومية قارة.
وإذ تنبه التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد كافة الإطارات المناضلة، وكل المتدخلين والفاعلين داخل مجال التربية والتعليم إلى خطورة الوضع، فإنها تدعوهم إلى ضرورة الخروج من دائرة الصمت والحياد الفارغ إلى التصدي لهذه السياسات التخريبية التي تتعرض لها العملية التربوية في رمتها، وتحديد مواقفها المنسجمة مع
الدور المنوط لهم مجتمعيا، وعليه نعلن للرأي العام الوطني ما يلي:
1 – تشبثنا بإسقاط مخطط التعاقد وإدماج جميع الأستاذات والأساتذة وأطر الدعم في أسلاك الوظيفة العمومية؛
2- رفضنا القاطع لما يسمى التأهيل المهني، باعتباره مدخلا للتطبيع مع مخطط التعاقد وما يسمى “أطر الأكاديميات”؛ ومطالبتنا جميع الأساتذة والأستاذات وأطر الدعم لمقاطعته؛
3- استنكارنا الشديد لكل الضغوطات والتضييقات التي يتعرض لها الأساتذة والأستاذات بمجموعة من المديريات (بوجدور، ابن امسيك، الناظور،….) على إثر مقاطعتهم
للزيارات الصفية وما يسمى التأهيل المهني؛ إذ تلقوا وابلا من الاستفسارات الكيدية، في محاولة يائسة من المديريات لجعل الأساتذة والأستاذات يتراجعون عن قراراتهم؛
4- استنكارنا الشديد لما تعرض له ثلاثة أساتذة بمديرية الحوز بتوقيف أجورهم وكذا أستاذة بمديرية الدريوش، الشيء الذي يؤكد هشاشة التعاقد المشؤوم، واستعدادنا لتسطير برنامج نضالي في هذا الشأن؛
5- تنديدنا بالممارسات اللاتربوية التي تعرض لها مجموعة من الأساتذة والأستاذات إثر عودتهم من الإضراب الوطني الأخير بمجموعة من المديريات (الثانوية الإعدادية
“عبدالله كنون” بمديرية طنجة أصيلة، الحسيمة، الخميسات،…) والتي تهدف إلى تكبيل الحق في الإضراب والاحتجاج السلمي؛
6- استنكارنا الشديد لكل الممارسات والحلول الترقيعية “برنامج أوراش، تغيير البنية التربوية” التي لجأت إليها وزارة التربية الوطنية؛
7- دعوتنا جميع الأستاذات والأساتذة وكافة الأطر الإدارية والمفتشين وكذا الإطارات النقابية إلى رفض كل العمليات المرتبطة بتغيير البنية التربوية (تعديل جداول الحصص،
ضم الأقسام وتكديسها،…) للمؤسسات التعليمية؛
8- دعوتنا جميع الأساتذة والأستاذات المضربين بعدم تعويض الحصص الدراسية، وتحميلنا الدولة المغربية مسؤولية التأخر في إنجاز الدروس؛
9- تأكيدنا على أن الدعم التربوي بفمهومه التربوي هو دعم المتعثرين في استيعاب الدروس المنجزة سلفا، وليس حصصا لإنجاز وتكديس الدروس في أذهان التلاميذ والتلميذات؛
10- دعوتنا الأساتذة والأستاذات إلى مقاطعة “برامج الدعم” التي تمول من قبل المديريات الإقليمية أو الأكاديميات، كونها امتدادا لبرنامج أوراش الهادف لنسف البرامج النضالية للتنسيقية الوطنية؛
11- تحميلنا المسؤولية التامة لوزارة التربية الوطنية لما ستؤول إليه الأوضاع بإدخال الغرباء عن الجسم التعليمي إلى المؤسسات التعليمية؛
12- تضامننا المبدئي واللامشروط مع المعتقل السياسي الأستاذ محمد جلول ورفاقه في الزنزانة، وكافة معتقلي الرأي وكل المعتقلين السياسيين، آخرهم المناضل محمد
الأحمدي عضو الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين فرع إمزورن إقليم الحسيمة؛
13- دعوتنا جميع المعطلين إلى رفض المشاركة في الحلول الترقيعية للوزارة الوصية، التي تسعى إلى إخماد نضالات التنسيقية الوطنية؛
14- دعوتنا جميع جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ إلى توضيح موقفها بخصوص “برنامج أوراش” الذي يكرس الهشاشة ويضرب العملية التعليمية في جوهرها؛
15- إشادتنا بالصمود والثبات البطوليين اللذين أبان عنهما الأستاذ محمد حمزة ودجني، وتهنئتنا له بالانتصار الذي حققه، والذي سيظل درسا موشوما في المقاومة والصمود؛
16- تحياتنا العالية لكل الأساتذة والأستاذات وأطر الدعم على صمودهم في البرنامج النضالي
السابق، وندعوهم إلى مزيد من اليقظة والالتفاف حول التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد.
عاشت التنسيقية الوطنية
للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد
صامدة، مناضلة ومستقلة.

التعليقات مغلقة.