مظلومية ملف دكاترة وزارة التربية الوطنية، ذ. عبد الوهاب التاقي، الهيئة الوطنية للدكاترة

مظلومية ملف دكاترة

وزارة التربية الوطنية

 

 

ذ. عبد الوهاب التاقي

الهيئة الوطنية للدكاترة

 

لمدة تزيد عن عشر سنوات، والدكاترة العاملون بوزارة التربية الوطنية مازالوا يعانون الإقصاء والتهميش اللذان تمارسهما عليهم الوزارة الوصية، حيث حرموا من الحق في الالتحاق بالجامعات ومراكز البحث العلمي ومراكز تكوين الأطر، وهذا بسبب قوانين وعقليات التي لا تعترف بقيمة التحصيل المعرفي العالي،مما يعكس تناقضا مع مضامين الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي يدعو إلى الاهتمام بأطر التعليم، وتكريمها وتحسين وضعيتها.

و يمكن إجمال هذا التناقض في التعامل مع ملف دكاترة وزارة التربية الوطنية في النقط التالية:

أولا: التجاهل التام للدكتوراه و دكتوراه الدولة في مختلف نصوص النظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية كمعيار للترقية المهنية، وكوسيلة لخوض غمار المنافسة حول المناصب الإدارية، فهي تعدُّ وثيقة علمية رسمية تخول لحامليها القيام بمهام التأطير والتكوين بمؤسسات مراكز التكوين، والمؤسسات الجامعية، وكذا مؤسسات تكوين الأطر العليا.

ثانيا: عدم تفعيل مرسوم رقم 2.96.804 الصادر في 11 من شوال 1417 (19 فبراير 1997) بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة الأساتذة الباحثين بمؤسسات تكوين الأطر العليا لفترة طويلة تجاوزت 12 سنة من تاريخ إصداره، وبعد عدة محطات نضالية من وقفات احتجاجية واعتصامات خاضها الدكاترة تم تفعيل هذا المرسوم نهاية سنة 2010 بإجراء مبارتين، لكن للأسف الشديد، شابتهما خروقات كثيرة وبالرغم من الانتقادات والطعون المادية التي قدمها الدكاترة تم الإعلان عن النتائج النهائية.

ثالثا:إغراق مراكز التكوين بالتكليفات والتعيينات المشبوهة التي تعتمد الزبونية والمحسوبية، في حين تم إقصاء الأساتذة الحاملين لشهادة الدكتوراه من ولوج هذه المراكز، حسب ما جاء في التقرير السنوي للجمعية المغربية لدكاترة وزارة التربية الوطنية بالمغرب لسنة 2012.

رابعا :عدم الترخيص للدكاترة العاملين بوزارة التربية الوطنية لاجتياز مباريات التعليم العالي، وبحلول سنة 2006بدأت التراخيص تعطى وتمنع حسب مزاج المسؤولين على القطاع.

خامسا:استثناء دكاترة وزارة التربية الوطنية من الإدماج المباشر بالرغم من تواجدهم بالقطاع ويعملون في مختلف الأسلاك، منها: التكوين، والإدارة، والتدريس، أسوة بدكاترة وزارة الثقافة حيث تم تسوية وضعية هؤلاء بالإدماج المباشر بشهادة الدكتوراه بتاريخ 2000 بأثر رجعـي مادي وإداري ابتداء من سنة 1996 في إطار هيأة الأساتذة الباحثين بمؤسسات تكوين الأطر، حيث عُيِّنوا بالمعهد الوطني للآثار والتراث بشكل انتقائي (انظر المرسوم رقم 2.00.372 صادر في 2 ربيع الآخر 1421 (5يوليوز) يتعلق بإدماج موظفي البحث بوزارة الشؤون الثقافية ضمن هيئة الأساتذة الباحثين بمؤسسات تكوين الأطر العليا).

سادسا :التعامل بميز مع دكاترة وزارة التربية الوطنية الذين أقصوا من التباري على 300 منصب مالي إضافي برسم سنة 2012 قصد تحويل مناصبهم إلى أساتذة التعليم العالي مساعدين، أسوة بدكاترة التعليم العالي الذين استفادوا وحدهم من تحويل مناصبهم، رغم أن دكاترة القطاعين كانوا ينتمون إلى نفس الوزارة: وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي .

سابعا :الإبعاد الممنهج للدكاترة عن الجامعات ومؤسسات تكوين الأطر العليا ومراكز البحث العلمي وعدم الاستفادة من مؤهلاتهم العلمية والبيداغوجية، في الوقت الذي تعرف فيه الجامعات المغربية خصاصاً مهولاً في الموارد البشرية، الأمر الذي جعل الوزارة تلجأ إلى التعاقد مع أساتذة عرضيين، أو زائرين عوض وضْعِ الأطر المختصة السالفة الذكر في مكانها اللائق بها.

ثامنا : عدم التزام وزارة التربية الوطنية بتطبيق الاتفاق المبرم مع النقابات الأكثر تمثيلية والمنسقية الوطنية للدكاترة والذي ينص على حل ملف دكاترة وزارة التربية الوطنية نهائيا على ثلاث مراحل 2010 و2011 و2012، لكن تلكؤ الوزارة الوصية ومعها الحكومة الجديدة حال دون طي الملف نهائيا واستمرار محنة حاملي أعلى شهادة جامعية.

 

وخلاصة القول :

 

إن هذه السياقات جميعها تدق ناقوس الخطر، لما لها من تأثير سلبي على الواقع التعليمي ببلادنا وكذلك على واقع أطره الذين يعتبرون من الأعمدة الرافعة للتنمية ولما قد تشكله من امتدادات محبطة اقتصاديا واجتماعيا لفئة الدكاترة ولأسرهم ولتلامذتهم، كما أن أوراش التحديث والتأهيل لا يمكن أن تستقيم إلا باحترام الوضع الاعتباري للدكتور داخل المجتمع.

v   طاقات هامة مهمشة في زمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية رغم الخصاص الكبير الذي تعرفه جامعاتنا.

v   مطلب تغيير الإطار إلى أستاذ التعليم العالي مساعد والإلحاق بالجامعات لا يكلف ميزانية الدولة شيئا بل بالعكس ستكون نتائجه إيجابية على جميع المستويات:

1.علميا : طاقات متنوعة التخصص.

2.  بيداغوجيا : تجربة طويلة في ميدان التدريس مما يضمن نجاح الإصلاح.

3.  ماديا : تحويل منصب واحد من الثانوي التأهيلي إلى التعليم العالي وتعويضه بأستاذ للتعليم الثانوي التأهيلي سيوفر لخزينة الدولة ما بين 5000 درهم إلى 8000درهم شهريا لكل منصب، ومن ثم فإن العملية هاته تحتاج إلى الحكامة في تدبير الموارد البشرية ليس إلاَّ.

4.  ظرفيا : المناصب الشاغرة بالجامعات في حاجة ماسة لهذه الأطر لضمان جودة التدريس وتوفير الجو الملائم لمتابعة الطلاب تعليمهم.

5.  نضاليا : وضع حد للاحتقان في الساحة التربوية وتفرغ الدكاترة للعطاء التربوي والعلمي واستثمار مؤهلاتهم العلمية وتجربتهم البيداغوجية للمساهمة في تطوير المنظومة التعليمية.

وأخيرا:

إلى متى سيبقى هذا الظلم والحيف والتهميش والاستثناء من نصيب فئة دكاترة وزارة التربية؟ لماذا لا تستجيب الوزارة الوصية للملف المطلبي للدكاترة وعلى رأسه تغيير الإطار إلى أستاذ التعليم العالي مساعد، واستثمار مؤهلاتهم وكفاءاتهم للنهوض بالمنظومة التربوية التي تعرف اختلالات عميقة؟

 

 

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.