قنبلة موقوتة تنتظر الجسم التعليمي في بداية الموسم الدراسي. من إعداد: عبدالله اكسا

[email protected]

أقدمت وزراة التربية الوطنية منذ تنصيب السيد الوفا على رأس هذه الوزارة باتخاد مجموعة من التدابير والإجراءات لتنظيم الحقل التربوي، وقد صاحب تنزيل بعض المذكرات المنظمة لهذه الاجراءات نقاش وجدال مستفيضين، مازالت تثار في شانها هنا وهناك مجموعة من الردود سواء المتفقة أو الرافضة لهذه التدابير. ومن خلال قراءة بسيطة لسيرورة العمل للوزارة الحالية يمكن أن نستنتج اختلافا كبيرا من الناحية الاسترتيجية للوزارة السابقة والوزارة الحالية. فاستراتيجية الوزارة السابقة كانت تقدم المر ثم تتبعه بالحلو(رفض ترقية حاملي الاجازة 2006 ثم قبول ترقيتهم + رفض توظيف حاملي الماستر ثم القبول بتوظيفهم + رفض نتائج الامتحان المهني بالنسبة لمن لم يستوف ست سنوات ثم القبول بهم…..) في حين أن الوزارة الحالية تتبع استراتيجية تقديم الحلو لتتبعه وتختمه بالمر(الغاء الادماج + الغاء المذكرة 122 + الغاء ثانويات التميز + تقديم وعود هنا وهناك… لتختم الموسم الدراسي بالمر : رفض وزراة التعليم العالي تسجيل الموظفين بالماستر بعدما تراجعت في السابق عن هذا الرفض بتوصية من وزراة التربية + اصدار مذكرات فوقية للحركات الانتقالية + النتائج الهزيلة لهذه الحركات + الضرر الكبير الذي تعرض له اصحاب الطلبات العادية والالتحاق بالزوجة الغير الموظفة في الحركات الانتقالية + مذكرة تصريف الفائض…)

اذن فسياسة الوزارة الحالية واضحة: خلال الموسم الدراسي تقدم وعودا معسولة وقرارات تعتبر مقبولة لكنها غير مؤثرة في الحياة العملية للاستاذ، وبمجرد ان تحصل الوزارة على المبتغى (نتائج الامتحانات الاشهادية + ملئ النقط + احصائيات اخر السنة) لتتوالى الضربات من كل مكان على هذا الاستاذ المسكين من خلال مذكرات بطعم مر.

ويعتبر التنزيل الفوقي للمذكرات الخاصة بالحركات الانتقالية القشة التي قسمت ظهر البعير لما اثارته من ردود ساخطة على نتائج الحركات الانتقالية بسبب المعايير الغير العادلة التي استفردت وزارة التربية في اصدارها مما جعل مجموعة من الأساتذة المتضررين – خاصة اصحاب الطلبات العادية او الالتحاق للمتزوجين بغير الموظفة – يتحدوا داخل تنظيم للدفاع عن حقوقهم المهضومة وتسطير برنامج نضالي تم اطفاءه في بدايته بعدما استقبلهم السيد الوزير ووعدهم خيرا.
لكن الخطيرفي الامر والقنبلة الموقوتة التي تنتظر نساء ورجال التعليم في بداية الموسم الدراسي المقبل هو تطبيق المذكرة الجديدة لتصريف الفائض واعادة الانتشار. سيقول قائل بان هذه المذكرة كانت دائما موجودة، وبالفعل كانت دائما موجودة الى جانب المذكرات الخاصة باجراء الحركات الانتقالية، لكن الجديد هذه السنة هو التنزيل الفوقي لهذه المذكرات والاجراءات الجديدة التي تضمنتها.
فبعد الانتهاء من كل الحركات الانتقالية وتعيين الخريجين ستعرف البنية التربوية لجل المؤسسات اختلالات كبيرة، سيتم اللجوء لمعالجة هذا المشكل الى تطبيق مذكرة تصريف الفائض واعادة الانتشار حيث ستصبح التكليفات ملزمة للاساتذة والطعون يجب تقديمها في ظرف 48 ساعة ويجب النظر فيها من طرف لجنة فض النزاعات في ظرف سبعة ايام وفي حالة عدم التحاق المعني بالامر سيتم تفعيل مسطرة الانقطاع عن العمل وتوقيف الاجرة. فاذا كان في السابق يرفض الاستاذ الذي يعمل في منطقة شبه حضرية ولاكثر من عشر سنوات تكليفه بالعمل باحدى مؤسسات المناطق البعيدة او الصعبة لظروفه الاجتماعية الخاصة، سيجد هذا الاستاذ نفسه ملزما وبحكم هذه الشروط الجديدة والتي تكبله زمنيا بالاستجابة لهذه التكليفات التعسفية..
فهل 48 ساعة كافية لتقديم الطعون أمام لجنة فض النزاعات خاصة للأساتذة العاملين بالمناطق البعيدة؟ ولماذا سبعة أيام فقط من أجل البث في الطعن؟ في حالة رفض الطعن من طرف الادارة ولم يلتحق الاستاذ بعد سبعة أيام من تقديمه الطعن وتم تفعيل مسطرة الانقطاع عن العمل ماذا سيكون موقف النقابات؟
ان المستجدات الجديدة لمذكرة تصريف الفائض واعادة الانتشار ستخلق مع بداية الموسم الدراسي ازمة واحتقانا داخل صفوف نساء ورجال التعليم لانها تضرب في العمق الاستقرار الاجتماعي والنفسي للاساتذة، بل ان هذه المذكرة يشم منها رائحة غير عادية من خلال المستجد الذي جاءت به وهو الاقرار النهائي بالنسبة للتكليفات لمدة ثلاث سنوات وهو ما سيؤدي بمجموعة من الموظفين الاشباح والمنعم عليهم بالتكليفات داخل المجال الحضري ولمدة طويلة الى المطالبة باقرارهم في مناصبهم. فهل ياترى هذا المستجد (الاقرار في المنصب بعد ثلاث سنوات) قد تمت اخاطته على المقاص ليستجيب لرغبات البعض؟

ان الاجراءات الاخيرة التي اقدمت عليها وزارة التربية الوطنية من خلال اصدار مذكرات فوقية هي في الحقيقة مذكرات تعسفية تستهدف النيل من الاستاذ وضرب كل مكتسباته السابقة والتي لم يحصل عليها بعطية من احد وانما جاءت نتيجة نضالات للجسم التعليمي ضد الحكرة والاقصاء والتهميش.
فهل ياترى سنتجرع هذه الكاس المرة ومن تم سنتحمل باقي الكؤوس المرة التي ستسقينا اياها هذه الوزارة فيما بعد؟ فالتجارب عبر التاريخ اثبتت ان من يشرب الكاس الاولى يصبح مدمنا على الشرب، فاننا نخاف من ان نصبح من مدمني الكؤوس المرة للوزارة الوصية.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.