ندوة: “الاتحاد المغربي للشغل: الواقع والآفاق”

ندوة: “الاتحاد المغربي للشغل: الواقع والآفاق”

نظم الاتحاد الجهوي للاتحاد المغربي للشغل بالرباط وفرع الرباط للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي ندوة يوم الثلاثاء 24 يوليوز 2012 في موضوع “الاتحاد المغربي للشغل: الواقع والآفاق” من تأطير عبد الحميد أمين عضو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، وتعقيب كل من عبد الرزاق الإدريسي الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم وعضو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، ومحمد هاكاش الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، وبتسيير خديجة غامري الكاتبة العامة للاتحاد الجهوي بالرباط وعضوة الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل.
في كلمتها التقديمية للندوة، أبرزت خديجة غامري أهمية الموضوع خصوصا مع ما يعرفه الاتحاد المغربي للشغل، في الآونة الأخيرة، من انفجار للصراع الداخلي الذي ظل مستترا لعقود بسبب تباين مواقف توجهين داخل أول مركزية نقابية بالمغرب ويتعلق الأمر بتوجه ديمقراطي يسعى إلى تكريس الديمقراطية الداخلية وتسييد كفاحية وتقدمية المركزية النقابية وتوجه بيروقراطي فاسد يهدف إلى استخدام النقابة لتحقيق مصالحه أكثر من خدمة الطبقة العاملة والدفاع عن حقوقها ومكتسباتها، ويعمل جاهدا من أجل استئصال كل صوت ديمقراطي “يشوش” على أغراضه. وقد انكشف ذلك من خلال القرارات اللاشرعية واللامشروعة المتخذة منذ 5 مارس الأخير والقاضية بطرد ثلة من خيرة مناضلات ومناضلي الاتحاد من ضمنهم ثلاثة أعضاء الأمانة الوطنية وحل مجموعة من التنظيمات الديمقراطية للاتحاد بدءا بالاتحاد الجهوي بالرباط مرورا بالجامعة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية للعمال وموظفي الجماعات المحلية والاتحاد النقابي للموظفين وصولا إلى الاتحاد المحلي بتازة وليس انتهاء بالمحاولة الفاشلة لحل الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي يوم 17 يوليوز 2012.
عبد الحميد أمين قدم، من خلال مداخلته، أرضية للنقاش معتبرا أن الاتحاد المغربي للشغل يمر بمرحلة الصراع الحاد والمكشوف بين التوجه النقابي الديمقراطي وبين البيروقراطية الفاسدة المتنفذة في قيادة الاتحاد. وقسم مداخلته إلى محورين:
المحور الأول: خصصه لرصد مواقف القيادة البيروقراطية المتنفذة، حيث اعتبر أمين أنها تساير المواقف الحكومية وتهادن، بشكل مكشوف، طبقيا مع الباطرونا من خلال توقيعها على اتفاقية لحل النزاعات بشكل ودي وسلمي، ويتجلى كل ذلك من خلال:
1. التجاهل التام لحركة 20 فبراير وغياب أي تضامن مع الحركات الاجتماعية،
2. لا مجهود في مجال التكوين النقابي، عدا لقاءات للشحن والتأليب ضد التوجه الديمقراطي،
3. المساهمة الرسمية في الحوار الاجتماعي لأبريل الماضي رغم كونه حوارا أعرجا (مشاركة نقابتان وجزء من إ.م.ش فقط ولم يتناول قضايا القطاع الخاص)، حوارا عقيما (لم يسفر عن أية نتيجة)، وحوارا مغشوشا (في الوقت الذي يجري فيه الحوار تتخذ الحكومة إجراءات تؤدي إلى تدهور أوضاع الطبقة العاملة ومنها الزيادة في أسعار المحروقات).
4. على مستوى النضالات العمالية فإن جلها لم يحقق أهدافه نتيجة عدم تحرك القيادة لتوفير التضامن، ومنها نضالات العاملين بالطرق السيارة وميناء طنجة المتوسط والجماعات المحلية والصحة والتعليم والاتحاد النقابي للموظفين. ينضاف إلى ذلك رفض هذه القيادة البيروقراطية المتنفذة المشاركة في المسيرة النضالية الوحدوية بالدارالبيضاء ليوم 27 ماي والتي دعت لها الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل.
5. على المستوى التنظيمي، فقد تم تجميد دائرة التنظيم وعدم تنفيذ المقرر التنظيمي الصادر عن المؤتمر الوطني العاشر، بل أكثر من ذلك فقد تزعمت هذه القيادة مبادرات تقسيمية فوقية في حق مجموعة من التنظيمات الديمقراطية المكافحة كالاتحاد الجهوي بالرباط والجامعة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية للعمال وموظفي الجماعات المحلية والاتحاد النقابي للموظفين والاتحاد المحلي بتازة. وللمفارقة فإن هذه التنظيمات الديمقراطية المكافحة المتأثرة بالقرارات غير الشرعية تعلن تشبثها وانتماءها للاتحاد المغربي للشغل في حين من يلجأ إلى التقسيم هي القيادة والمفروض هي التي تسعى إلى التوحيد ورص الصفوف. ولمواجهة هذا الهجوم تم اعتماد شعار “فك الارتباط المؤقت على مستوى القانون الأساسي”.
وقد اعتبر أمين أنه، بعد وفاة المحجوب، كان هناك نوع من المهادنة المؤقتة ظاهريا بين التوجه الديمقراطي والتوجه البيروقراطي. وقد انفجر الصراع مع حركة 20 فبراير، بحيث حصل اتفاق في الأمانة الوطنية يقضي بدعم الحركة مع ترك المجال للاتحادات والجامعات للنظر في كيفية تجسيد هذا الموقف وهو ما تم فعلا بالدعم المادي واللوجستيكي والمشاركة الفعلية بالنسبة للمواقع التي يسود فيها التوجه الديمقراطي في حين ظل ذلك حبرا على ورق بالنسبة للاتحادات والقطاعات، وأيضا القيادة الوطنية، التي تهيمن عليها البيروقراطية. وكان للدستور المعدل دور في تفجير هذا الصراع بحيث دعا التوجه البيروقراطي للتصويت بنعم في حين دافع التوجه الديمقراطي على حرية الاختيار اعتبارا للتنوع السياسي لمنخرطات ومنخرطي الاتحاد وكذا انسجاما مع مقررات المؤتمر الوطني الأخير. ومن أسباب انفجار هذا الصراع كذلك قضية التنظيم وبطاقات الانخراط والمطالبة بالكشف عن مالية 2011، مع العلم أنه هناك توصية من المؤتمر الوطني العاشر تدعو إلى حصر مالية وممتلكات الاتحاد.
في المحور الثاني، تطرق عبد الحميد أمين إلى الآفاق معتبرا أن الصراع سيظل مستمرا ومفتوحا، بما في ذلك شقه القضائي، إلى حين التراجع عن كل القرارات البيروقراطية المتخذة منذ 5 مارس 2012، داعيا الديمقراطيين الذين لا زالوا مترددين إلى حسم موقفهم وخوض الصراع إلى جانب رفاقهم في التوجه الديمقراطي ومطالبا باستمرار النضال من أجل المطالب الملحة للعمال والموظفين والمستخدمين والمزاوجة بين النضال ضد البيروقراطية والنضال من أجل المطالب والتكوين النقابي الداخلي وتحصين التنظيمات الديمقراطية. وقد شدد أمين على نقطتين أساسيتين تتعلقان بتحصين الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي نظرا لدورها في الصراع الحالي والعمل على استرجاع المقر النقابي للاتحاد مشيرا إلى أن الهجوم ابتدأ على الرباط والهجوم المضاد يجب أن ينطلق من الرباط، مبرزا أن مواجهة مشكل الهشاشة التنظيمية تتم حتما من خلال إحدى ثلاث سيناريوهات: إما القبول باستمرار الوضع الحالي، أو فك الارتباط أو خلق فضاء أو تنسيقية نقابية جهوية.
تعقيب عبد الرزاق الإدريسي باسم الجامعة الوطنية للتعليم أشار إلى أن الصراع ضد البيروقراطية ليس جديدا بل هو قديم إلى درجة أنه كان يقال عن التوجه الديمقراطي بأنه يُبيض وجه البيروقراطية، وفي الأوساط الرسمية كان يُنظر إلى الاتحاد المغربي للشغل كمركزية برأسين أو كمركزيتين في واحدة: إ.م.ش الدار البيضاء وإ.م.ش الرباط.
وأشار إلى الدور الكبير الذي لعبه مقر الإتحاد المغربي للشغل بالرباط في العديد من الحركات النضالية العمالية والموظفين والمستخدمين والمعطلين من أبناء العمال وما كان لذلك من أثر إيجابي على مستوى التنظيم كبناء النقابة الفتية القوية والمناضلة والمكافحة الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية..
بالنسبة للتعليم، فقد تبين بأن الجامعة تتوفر على تنظيم قوي ديمقراطي ذو توجه كفاحي يساري مما زاد من قلق البيروقراطية وأذكى تخوفها على مواقعها وامتيازاتها.
وفي موضوع الدستور المعدل، فقد ذكر الإدريسي بكون الاتحاد المغربي للشغل، عبر التاريخ، كان له خطاب ومواقف تقدمية لكن لأول مرة تتم الدعوة إلى التصويت بنعم. مما يشكل تراجعا على هذا الصعيد، وهو الأمر الذي قاومه التوجه الديمقراطي الذي ووجه ببلطجة لم يسبق لها مثيل في الاجتماع المخدوم المعلوم للجنة الإدارية الوطنية ليوم 20 يونيو 2011.
ولمواجهة الهشاشة القانونية التي فرضت على الجامعة الوطنية للتعليم، ومن أجل أن تعيش تجربتها وتستمر، وتنفيذا لقرارات المؤتمر الوطني العاشر للجامعة المنعقد بالرباط يومي 5 و6 ماي، كان لا بد من اتخاذ قرار “فك الارتباط المؤقت على مستوى القانون الأساسي”، وبذلك تكون الجامعة الوطنية للتعليم السباقة لاتخاذ هذا الإجراء المؤقت والاضطراري.
محمد هاكاش عن الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، اعتبر أنه رغم كون الصراع ظل دائما قائما بالاتحاد المغربي للشغل إلا أن التجربة الحالية من الصراع ضد البيروقراطية لم يسبق لها مثيل باستثناء تجربة عمر بنجلون في الستينات والتي لم تستمر لأن التوجه الذي كان يخوض الصراع آنذاك اختار التقسيم وتأسيس مركزية نقابية جديدة على عكس التوجه الديمقراطي الحالي الذي يتشبث بالانتماء للاتحاد المغربي للشغل.
وبالنسبة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي فرغم استهدافها من طرف التوجه البيروقراطي إلا أنها ظلت، حتى الآن، مستعصية عليه ورقما صعبا نظرا لتلاحم مناضلاتها ومناضليها – قياديين ومنخرطين- كنتيجة طبيعية لتكريس الديمقراطية الداخلية، ونظرا أيضا لكون البيروقراطية لا تعرف شيئا عن الجامعة التي تواجه لوحدها المشاكل والمعارك الكبرى، وتسطر برنامجا مستقلا للتكوين النقابي وتتوفر على علاقات قوية ومتميزة. وأشار هاكاش إلى كون التقرير العام المقدم في المؤتمر الوطني الأخير للاتحاد قد خلا من أية إشارة للقطاع الفلاحي مما يؤكد كون البيروقراطية لا إلمام لها بهذا القطاع.
ولم يفت هاكاش الإشارة إلى أن الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي فرضت حوار اجتماعيا وطنيا في القطاع الفلاحي وأن هذا النوع من الاستقلالية عن القيادة يقوي الجامعة ويصونها.

الرباط في 24/7/2012

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.