في بيانها السابع، التنسيقية الوطنية للأستاذات والأساتذة ضحايا تجميد الترقيات تعلن خوضها اعتصاما انذاريا بالرباط يومي 25 و26 غشت الجاري متفرقا على مقر رئاسة الحكومة وعدد من الوزارات والإدارات المعنية.

        عقد المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأستاذات والأساتذة ضحايا تجميد الترقيات، سلسلة اجتماعات عن بعد عبر تقنية “زوم”، في سياق من أبرز سماته تفشي جائحة كورونا، وما رافق ذلك من انعكاسات سلبية على المنظومة التعليمة بشكل عام، وعلى نساء ورجال التعليم بشكل خاص، وكانت من أبرز هذه الانعكاسات السلبية، ما أصبح يصطلح عليه بتجميد الترقية، هذا الأخير الذي أصبح وصمة عار في أجندة انتكاسات هذه الحكومة، التي لازالت تصر وتمعن في انتهاك الحقوق و المكتسبات، ومحاربة الطبقة المتوسطة مغامرة بوعي أو بدونه بعامل أساسي في ضمان السلم الاجتماعي داخل المجتمع.

إذا كانت الترقية تندرج في إطار تحفيز الموظف ليبذل مزيدا من الجهد، من أجل تطوير المرفق العمومي و الرقي به، فقد أصبحت في ظل هذه الحكومة للأسف وسيلة من وسائل التعذيب النفسي، والتعامل بمنطق التبخيس المقصود لفئة تعتبر أساسا المسؤولة – بشكل تشاركي مع الأسرة و المجتمع – عن تنشئة و تربية أجيال المستقبل، حيث تحولت في ظرف أربع سنوات من محطة هامة داخل نسق الحياة الإدارية للموظف وكوسيلة للارتقاء الإداري و المالي، إلى نقمة وعذاب يعيشه أستاذات و أساتذة القطاع الذين جمدت ترقياتهم و نهب جزء من أجرتهم دون مبرر ولا سند قانوني منذ 2018 إلى يومنا هذا.

هنا بدأت الحكاية

ذكر تقرير المجلس الأعلى للحسابات وهو مؤسسة ذات صبغة قضائية مكلفة بمراقبة تدبير المال العام، ما بين 2008 و2016 ارتفاع كتلة أجور الموظفين، وربط هذا التقرير هذا الارتفاع الذي وصفه بالقوي بالزيادات المترتبة عن الترقية السريعة لهم، إلى جانب توصيات البنك الدولي الرامية إلى تقليص استثمار الدولة في القطاعات الاجتماعية، يتضح لنا تفاعل مراكز القرار مع هذه التوصيات والتقارير، من خلال استهداف الترقية كحق ومكتسب تاريخي جاء نتيجة نضالات سياسية ونقابية جسدها الشعب المغربي قاطبة.

وحيث من الأجدى انتقاد سياسة توزيع الأجور في الوظيفة العمومية إذ نجد أن نسبة 3 في المائة من الموظفين الكبار هي التي تلتهم أكثر من 40 في المائة من كتلة الأجور، عوض استهداف ترقيات انتظرها أستاذات وأساتذة لمدد قد تجاوزت عشرين سنة عند أغلبهم.

و تستمر الحكاية…

يوم الأربعاء 25 مارس 2020 الموافق 30 رجب 1441 السيد رئيس الحكومة يعلن منشو را تحت رقم 03/2020 موجها للسيد وزير الدولة و السيدات و السادة الوزراء و الوزراء المنتدبون و   المندوبون السامون والمندوب العام موضوعه : تأجيل الترقيات وإلغاء مباريات التوظيف بسبب جائحة كورونا، حيث أثبت نساء و رجال التعليم استعدادهم كما الجميع لمواجهة تداعيات الجائحة، بل كانوا في الصفوف الأمامية إلى جانب الموظفين و الأعوان التابعين لإدارة الأمن الداخلي و مهنيي قطاع الصحة، و ذلك من خلال مساهمتهم الطوعية في الصندوق المحدث للجائحة الأأوئل، ومن خلال حرصهم من منطلق الوازع الأخلاقي و الاحساس بالمسؤولية في إنجاح موسم دراسي انعدمت فيه كل مسببات النجاح، لولا انخراط نساء و رجال التعليم في كل العمليات دون قيد أو شرط، ولعل تجندهم طواعية لإنجاح التعليم عن بعد بإمكانات ذاتية أكبر دليل على ذلك، فهل هكذا يكون التحفيز والاعتراف بالمجهودات؟

مرحلة الاستغلال الانتخابي للملف.

يوم 21 يناير 2021 صدر بلاغ عن رئيس الحكومة “عن حزب العدالة والتنمية” يكذب فيه ما تداولته بعض المنابر الاعلامية، مفاده رفض رئيس الحكومة التأشير على الترقيات بأسلاك الوظيفة العمومية، موضحا أن قرار 03/2020 المتعلق بتأجيل الترقيات كان يتعلق فقط بتنفيذ ميزانية 2020 واتخذ في إطار توجيه الموارد المالية للميزانية العامة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، و أن تسوية الملفات التي تتطلب تأشير رئاسة الحكومة.

يوم 17 يوليوز 2021 بأحد البرامج الإذاعية يظهر الوزير المسؤول عن القطاع عن حزب “الحركة الشعبية” ويصرح بكل ثقة أن الترقيات مجمدة لعدم وجود الموارد المالية.

يوم 28 يوليوز 2021 عرض وزير الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة عن حزب”التجمع الوطني الأحرار” أمام لجنتي المالية بغرفتي البرلمان بخصوص موضوع تنفيذ ميزانية المالية 2021 و إعداد قانون المالية 2022 و تقديم برمجة ميزانيتيه لثالث سنوات القادمة، وذلك طبقا لأحكام المادة 47 من القانون التنظيمي رقم 13/130 لقانون المالية، والذي جاء فيه : أنه من بين الرهانات الاقتصادية المرتبطة بميزانية 2022 أن نفقات الموظفين ستعرف زيادة ب5.6 ملايير درهم، نظرا لأداء متأخرات الترقية و التوظيف، التي لم تتم تسويتها خلال سنتي 2020/2021 بمبلغ 4 ملايير درهم دون ذكر سبب العجز، بالنظر إلى بلاغ رئيس الحكومة أن قرار التجميد بسبب الجائحة الذي يتعلق بميزانية 2021 .

من خلال ما سبق يتضح جليا شساعة الهوة بين مكونات الحكومة في التعاطي مع هذا الملف، و بدل البحث عن حلول حقيقية واقعية وقانونية لحل هذا المشكل الذي عمر طويلا، سارع كل مسؤول من جهته إلى نفي المسؤولية عنه مما أعطى صورة حقيقة لطبيعة التعامل مع هذا الملف، واستغلاله في حسابات انتخابية ضيقة بعيدا كل البعد عن تجسيد الانسجام داخل المكونات الحكومية، والتعامل مع الملف بحس وطني يستحضر طبيعة وحساسية المرحلة خصوصا مع صدور التقرير السنوي لبنك المغرب الذي قدم أمام صاحب الجلالة، منتقدا الوضع التعليمي بالبلاد مبررا ذلك بحسابات سياسية خلقت الاحتقان والتوتر مما أثر على تفعيل إصلاح منظومة التربية والتكوين.

إن المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية وهو يتابع بنضج كبير وبحس وطني أكبر، هذا الإصرار من طرف رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية ووزير المالية على الإجهاز على الترقية كحق من حقوق الموظف التي يضمنها له الدستور والنظام الأساسي للوظيفة العمومية يعلن للرأي الوطني ما يلي:

– يثمن عاليا انخراط نساء ورجال التعليم عامة و المتضررات والمتضررين من تجميد الترقيات خاصة، في مواجهة تداعيات جائحة كورونا بحس وطني منقطع النظير من خلال التفاني والعمل بمسؤولية في إنجاح الموسم الدراسي السابق رغم ما اعتراه من إكراهات و مثبطات.

– تمسكه بضرورة الصرف الآني لجميع الترقيات المجمدة منذ 2018 دون قيد أو شرط.

– استنكاره الشديد استهداف الترقية كمكسب ناضلت من أجله الشغيلة التعليمية عبر عقود.

– استغرابه المطلق من طبيعة التناقض في التصريحات الرسمية لبعض مكونات الحكومة المعنية بملف الترقية في محاولة الهروب من تحمل المسؤولية.

– وعيه التام بمحاولة البعض استغلال معاناة هذه الفئة العريضة والزج بالملف في حسابات سياسية لن تعود بالنفع على وطننا الحبيب ولا على المردودية المنتظرة من هذه الفئة من نساء ورجال التعليم.

– تذكيره بأن التعامل مع الشغيلة التعليمية بمنطق “الحائط القصير” في تدبير التوازنات الاقتصادية المتعلقة بالعجز الحاصل في الميزانية، يعطي انطباعا لدى هذه الفئة أنها مستهدفة من طرف هذه الحكومة.

– تحميله المسؤولية التاريخية والسياسية والأخلاقية لكل من رئيس الحكومة و وزير التربية الوطنية و وزير الاقتصاد والمالية للاحتقان جراء عدم صرف كل المستحقات الترقية المتأخرة.

– دعوته لكافة الإطارات النقابية والسياسية والحقوقية التصدي بمسؤولية للهجمة الشرسة من أجل الإجهاز على الترقية كحق من حقوق الموظف المغربي.

– يعلن خوض اعتصام إنذاري بدون مبيت مراعاة لظروف الجائحة يومي 25 و26 غشت 2021 .متفرقا على مديرية الموارد البشرية ومقر رئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة

– يعتزم الدخول في اعتصام مفتوح بعد توقيع محاضر الدخول في حالة عدم صرف مستحقات الترقية المجمدة بشكل آني.

– يدعو كافة المتضررات والمتضررين للالتفاف حول تنسيقيتهم الوطنية، وعدم الاهتمام بالإشاعات المنتشرة بوسائل التواصل الاجتماعي و التي تهدف إلى كسب الوقت وافشال أي خطوة نضالية من أجل الدفاع عن الحق المسلوب.

– يعلن أن إنجاح الدخول المدرسي المقبل رهين بمدى الاستعداد النفسي الايجابي للشغيلة التعليمية التي تعد صمام نجاح أي خطة متعلقة بالمنظومة وأن الرهان على البرامج و الاستراتيجيات المعدة بالمكاتب المكيفة دون استحضار الرفع من مكانة نساء و رجال التعليم رهان فاشل.

التعليقات مغلقة.