الذبيحة السرية بنيابة الحوز أو ما سُمي بنتائج الحَرَكة المحلية

ما كاد نساء ورجال التعليم بالحوز يستفيقون من هول وصدمة نتائج الحركتين الانتقاليتين الوطنية والجهوية حتى طلعت علينا نيابة الحوز بخرجاتها الفريدة من خلال الاعلان عن نتائج لحركة محلية ينطبق عليها المثل العربي تمخض الجبل وولد فأرا.

فبعدما عملت النيابة على تهريب أشغال اللجنة الإقليمية المشتركة ونهج أسلوب السرية والتكتم عن مكان وموعد انعقادها حتى خيل إلينا أننا نتابع فصولا لفيلم من أفلام هوليود الأمريكية أو أنها دخلت فيما يسمى بالعمل السري، وما تلاه من انسحاب لبعض النقابات احتجاجا على عدم ارفاق مذكرة الحركة المحلية بلائحة المناصب الشاغرة، لتختم المسلسل التراجيدي بالإعلان عن نتائج الحركة المحلية افرزت في سلك الابتدائي عن استفادة اثنان وأربعون مستفيد وتسعة بسلك الاعدادي.

 إن لفظة الحَرْكة (بتسكين حرف الراء) عند المؤرخين المغاربة تحيل إلى تلك الحملات العسكرية التأديبية التي كان يقوم بها المخزن المغربي ضد القبائل المتمردة خلال العصور الوسطى وبالتالي فيمكن لنا ان نطلق على نتائج الحَرَكة (بفتح حرف الراء) المحلية للحوز إسم: نتائج الحَرْكة (بتسكين حرف الراء) المحلية للحوز، لأنها عبارة عن نتائج تأديبية لأساتذة الحوز فلا يعقل أن يستفيد اثنان وأربعون أستاذا في سلك الابتدائي في حين أن عدد الخريجين الذي منح للإقليم يقدر بمائة وتسعة عشر، بالإضافة إلى المدارس المحدثة التي تم التستر عن بعضها، والإعلان عن بعض المناصب في أخرى، فمدرسة السلام مثلا هي مدرسة محدثة سيبدأ العمل بها في الموسم الدراسي المقبل وحسب نتائج الحركة المحلية فلن يدرس بها سوى خمس أساتذة فهل هذا العدد كافي للتدريس بمؤسسة ابتدائية؟ أم أن هذه المناصب سيتم التفضل بها لأولي القربى والمحسوبية والزبونية في إطار تكليفات مشبوهة كما وقع لتكليفات اللغة الامازيغية خلال الموسم الدراسي الفارط.

 لا يخفى على أحد أن نساء ورجال التعليم عندما يوقعون محضر الدخول في مؤسساتهم يرفعون أكف الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا التوقيع آخر توقيع بهذه المؤسسة وخاصة بمؤسسات المناطق الصعبة والنائية، فتجد الأستاذ يمني النفس ويعمل بجد وكد طوال السنة لعله يسمع أخبارا سارة عند نهاية الموسم الدراسي بانتقال إلى مؤسسة أحسن من مؤسسته، لكن في الغالب الأغلب تعمل نتائج الحركات الانتقالية على إعادة تفكير الأستاذ إلى جادة الصواب وتخرجه من وهم الانتقال.

إن هذا الحرص الشديد للأساتذة على الانتقال خاصة بالمناطق الصعبة والنائية سببه الظروف اللا إنسانية التي يعمل فيها هؤلاء وغياب لشروط الحد الأدنى للاشتغال، فلا وجود لطرق معبدة، لا سكن وظيفي لا ماء ولا كهرباء، غياب شبكة الاتصالات، لا أقسام في المستوى، لا طاولات صالحة للتدريس، ظروف مناخية قاسية، غربة متوحشة، بعد عن الأهل والأبناء، وفوق كل هذا غياب تعويضات تحفيزية للعمل في هذه المناطق. فلا يعقل أن يتقاضى أستاذ يعمل بالمناطق الصعبة والنائية نفس أجرة أستاذ يعمل بالمدينة، إنها اللا عدالة في أقصى تمظهراتها.

وعندما يزور أحد المسئولين المحليين أو الجهويين أو المركزيين لمؤسسات المناطق الصعبة والنائية وبعد أن أرغد وأزبد وهو في طريقه إلى هذه الفرعيات أو المركزيات نظرا لوعورة المسالك الطرقية، فيلتقي بهؤلاء الأساتذة فيعطيهم دروسا في الوطنية وحب الوطن وأنهم جنود الخفاء، وأنهم يساهمون في بناء المغرب العميق، ويوصيهم بالصبر والسلوان، في حين أن تعويضاته هو محسوبة بالسنتمتر ولم يخرج من كرسيه حتى ملأ ورقة التعويضات وجهزت له سيارة الكات كات. إنه زمن الديماغوجية، إنه زمن الرداءة، إنه زمن اللاعدالة، إنه زمن القوي يأكل فيه الضعيف، فهلا انتهت هذه الأزمنة القبيحة؟

 إن نتائج الحركة المحلية للحوز ليست في الحقيقة إلا نتاجا لسياسة تعليمية لا شعبية، يكتوي بها نساء ورجال التعليم، فتنعكس سلبا على المناخ العام الذي يحكم المنظومة التربوية، لتنتج لنا في الأخير مدرسة مغربية، أعيت كل الخبراء التربويين الدوليين والمحليين في علاج أمراضها، لأنهم ببساطة يعالجون الأعراض وينسون أو يتناسون الأسباب.

بقلم: ذ. عبد الله أُكسا

21 يوليوز 2012

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.